في كواليس مسرح القاهرة للعرائس بالعتبة، وعندما لمست أصابع طفل في السابعة من عمره عرائسَ الأوبريت الشهير الليلة الكبيرة بعد عناء وإلحاح للوصول لهذه اللحظة، تأكد هذا الطفل لحظتها أن شغفه بهذا العالم ليس ميلاً طفوليا لحظياً فقط، ولكنه قد يكون رحلة حياة في حب فنون الحكي والتعبير بكل صورها. كان هذا هو المخرج والكاتب تامر محسن المعروف باهتمامه بدقة التفاصيل البصرية والدرامية عبر أعمال ناجحة وتتمتع بالاستمرارية مثل مسلسلات بدون ذكر أسماء ، تحت السيطرة وهذا المساء، فيلم قط وفار، وأفلامه الوثائقية التي تُعد مرجعاً سياسياً موضوعياً ومهنياً، إضافة لأفلامه القصيرة والطويلة الحائزة على العديد من الجوائز.
تامر محسن مهندس درس العمارة في كلية الفنون الجميلة، ثم ترجم شغفه الفني بتأليفه وإخراجه لمسرحية ماريونيت ليحصل بها على جائزة أفضل عمل مسرحي في المهرجان الرابع للمسرح الحر، ويشارك كمساعد مهندس ديكور مع المخرج الراحل يوسف شاهين في فيلمي المهاجر (1994) والمصير (1997).
حسم محسن وجهة مسيرته الفنية بالدراسة في المعهد العالي للسينما، ليكتب ويخرج فيلمين قصيرين انطلق بهما كأحد المخرجين الواعدين حينها، وهما الحفلة الذي فاز بـجائزة شادي عبد السلام في المهرجان القومي السابع للسينما المصرية ثم مشروع تخرجه أن تنام بهدوء حتى الساعة السابعة الذي فاز بـجائزة لجنة التحكيم من المهرجان القومي الثامن عشر للسينما المصرية وافتتح مهرجان روتردام للفيلم العربي في دورته الثالثة، والذي شكَّل توارد خواطر موضوعياً بينه وفيلم معالي الوزير للمؤلف الشهير وحيد حامد الذي عُرض في الدورة نفسها، حيث تناول الفيلمان فكرة الكوابيس التي تغير حياة البطلين إلى الأبد.
يتذكر تامر لمعة العين المتحمسة للمؤلف حامد في لقائهما الأول بعد عرض فيلمه أن تنام بهدوء، وهو لقاء أدى لتقارب مستمر بينهما وأسفر عن تعاونهما لاحقاً.
وبالرغم من نجاح تجربتيه الروائيتين القصيرتين، رأى تامر أن الفيلم الوثائقي، وحكي وتفكيك الوقائع التاريخية، هو السبيل لتأسيس نفسه كمخرج روائي صادق، وهذا ما جعله يقوم بإخراج وكتابة وإنتاج مجموعة من الأفلام الوثائقية كانت سبّاقة على مستوى العالم العربي في طريقتها للتعامل مع الموضوعات التاريخية، من حيث المتعة والتشويق وإعادة تمثيل مشاهد تاريخية وتداخل الدراما في العمل الوثائقي، وهي أفلام: سعد زغلول.. الزعيم وظله، اغتيال السادات واغتيال حسن البنا.
بدون ذكر أسماء (2013) هو مسلسل تامر محسن الأول الذي تعاون فيه مع المؤلف الكبير وحيد حامد، وأصبح واحداً من الأعمال التي تسرد واقع فترة الثمانينات من منظورين سياسي واجتماعي بأمانة تاريخية ملفتة ونادرة وقت صناعته، ووفقاً لـتامر هو أكثر أعماله التي استغرقت وقتاً في التحضيرات، بعد عامين أخرج محسن فيلمه السينمائي الأول قط وفار مع حامد أيضاً، وفاز الفيلم بجائزتين لـأفضل عمل أول في المهرجان القومي ومهرجان جمعية الفيلم للسينما المصرية.
في موسم رمضان 2015 أخرج وكتب قصة مسلسل تحت السيطرة الذي جذب انتباه المشاهدين بسبب العمق غير التقليدي في تناول فكرة الإدمان، والتي لا تقتصر على المخدرات فقط، لينال المسلسل تكريم العديد من الجهات الرسمية مثل وزارة التضامن الاجتماعي، المجلس القومي لحقوق الإنسان وصندوق مكافحة الإدمان.
بعدها بعامين أخرج وكتب القصة والمعالجة الدرامية وشارك في الكتابة لمسلسل هذا المساء (2017)، وهو دراما نفسية قدم فيها تامر سؤال قد يبدو بسيطاً: هل معرفة الحقيقة نعمة ام نقمة؟ ليستعرض المسلسل عواقب نقيصة فضول البعض لكشف الأسرار والخصوصيات، وما يحدث عندما يصبح أحدهم قادراً على الوصول إلى البُعد الآخر غير المرئي لحياة أشخاص يبدون مثاليين. وقد نال تامر عن المسلسل جوائز أفضل مسلسل ومخرج وسيناريو في جوائز نقابة المهن السينمائية لدراما رمضان 2017، كما نال المسلسل تكريماً من المجلس القومي لحقوق الإنسان.